واسلامـــــــــــاه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

واسلامـــــــــــاه

قصص اسلاميه ,غزوات ,التوبه ,مواقف ,تراث اسلامى
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
سحابة الكلمات الدلالية
المواضيع الأخيرة
» صيام الأيام البيض لهذا الشهر ربيع الثاني 1433
الجهاد بين ماضى وحاضر I_icon_minitimeالسبت مارس 03, 2012 8:13 pm من طرف انور ابو البصل

» عجيبون نحن البشر"مدهش"
الجهاد بين ماضى وحاضر I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 07, 2012 1:15 pm من طرف انور ابو البصل

» أيَّد الله سبحانه أنبياءه بمعجزات، وهي أمور خارقة
الجهاد بين ماضى وحاضر I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 07, 2012 1:14 pm من طرف انور ابو البصل

» الأحاديث المستدل بها على الإعجاز العلمي في الأرض والفلك
الجهاد بين ماضى وحاضر I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 07, 2012 1:11 pm من طرف انور ابو البصل

» الإمام البخاري
الجهاد بين ماضى وحاضر I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 07, 2012 1:04 pm من طرف انور ابو البصل

» غزوة مؤتة
الجهاد بين ماضى وحاضر I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 07, 2012 12:56 pm من طرف انور ابو البصل

» أشراط القيامة الكبرى
الجهاد بين ماضى وحاضر I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 07, 2012 12:54 pm من طرف انور ابو البصل

» مقاله عن علامات القيامه الصغرى
الجهاد بين ماضى وحاضر I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 07, 2012 12:53 pm من طرف انور ابو البصل

» إدريس عليه السلام
الجهاد بين ماضى وحاضر I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 07, 2012 12:52 pm من طرف انور ابو البصل

» الإعجاز العلمي في قوله تعالى: ﴿وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ ﴾
الجهاد بين ماضى وحاضر I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 07, 2012 12:52 pm من طرف انور ابو البصل

» فضل الجهاد في الكتاب والسنة والدعوة إليه
الجهاد بين ماضى وحاضر I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 07, 2012 12:51 pm من طرف انور ابو البصل

»  الحد يث الأول
الجهاد بين ماضى وحاضر I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 07, 2012 12:50 pm من طرف انور ابو البصل

» الباحثة عن الحق
الجهاد بين ماضى وحاضر I_icon_minitimeالثلاثاء فبراير 07, 2012 12:49 pm من طرف انور ابو البصل

التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط واسلامـــــــــــاه على موقع حفض الصفحات
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم
المواضيع الأكثر نشاطاً
عجيبون نحن البشر"مدهش"
فضل الجهاد في الكتاب والسنة والدعوة إليه
الإمام البخاري
غزوة مؤتة
إدريس عليه السلام
الإعجاز العلمي في قوله تعالى: ﴿وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ ﴾
قصة جميلة جدا تعبر عن قدرة الله على كل شيء
أشراط القيامة الكبرى
مقاله عن علامات القيامه الصغرى
الحد يث الأول

 

 الجهاد بين ماضى وحاضر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
ادمن المنتدى
ادمن المنتدى



المساهمات : 143
تاريخ التسجيل : 03/01/2012

الجهاد بين ماضى وحاضر Empty
مُساهمةموضوع: الجهاد بين ماضى وحاضر   الجهاد بين ماضى وحاضر I_icon_minitimeالثلاثاء يناير 10, 2012 3:31 pm

كان المسلمون على وعي بأنَّهم أمَّة ذات رسالة عظيمة يجب عليهم نشرُها وإبلاغها إلى النَّاس؛ لأنها رسالة عالميَّة جاءت للبشريَّة جمعاء، فلم تكن مقصورة عليهم، ولا خاصَّة بهم، وهي ليست محصورة في جنس من الأجناس، ولا في لون من الألوان، ولا في زمن من الأزمنة، وقد تعلم المسلمون ذلك من القرآن الكريم منذ عهد الإسلام الأول، وبشر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو وأصحابه في مكَّة يتعرضون للإيذاء، والتَّنكيل، والحصار، والمقاطعة، وفي ذلك يقول الله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} [الأعراف: 158]، {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} [الفرقان: 1].

وقد كانت هذه الرِّسالة التي جاء بها الإسلام رسالة إنسانيَّة أخلاقية تتضمن الدَّعوة إلى الخير العام، وتعمل على تحقيق كرامة الإنْسَان، وإعلاء شأن العدالة، وتحرير الإنْسَان من الظلم والعبوديَّة والاستبداد والخضوع لغير الله تعالى، ومما يدل على ذلك من القرآن قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148]، {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 104]، {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ} [النحل: 90]، {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: 25]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8]... إلى آيات كثيرة أخرى.

وقد سلك المسلمون كل سبيلٍ إلى نشر هذه الرِّسالة، وإبلاغها إلى النَّاس في مشارق الأرض ومغاربها، ويهمنا - في هذه الدِّراسة - أن نشير إلى وسيلتين، يمكن عدهما أهم الوسائل في نشر الإسلام، وهما القتال والدَّعوة إلى الله تعالى.

1- كان الجهاد واحدًا من الوسائل التي سَلَكَهَا المسلمون لإبلاغ هذه الدَّعوة، وكان ذلك وسيلة من وسائل تطبيق عالميَّة الإسلام، كما كان متفقًا مع عقيدة ختم النبوة بمحمد - صلى الله عليه وسلم.

وقد شُرِع الجهاد في سبيل الله لغايات وأغراض متعددة تتعلق بالظروف التي عاشها المسلمون؛ كما تتعلق بالغايات التي يهدف الإسلام إلى تحقيقها، ومن أهم هذه الغايات ما نشير إليه بإيجاز شديد فيما يأتي:
أ - دفع الظلم، ورفع الأذى عنِ المسلمين الذين تعرضوا في مكَّة للظلم والأذى من المشركين؛ حتى أخرجوا من ديارهم وأموالهم إلى الحبشة أولاً، ثم إلى يثرب التي أصبح اسمها: المدينة ثانيًا، وقد أَذِن الله لهم في مقاتلة هؤلاء المشركين {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ} [الحج: 39، 40].

ب - الدفاع عنِ المظلومين المضطهدين، الذين لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم، ولا يستطيعون أن يهاجروا من أرض الشرك إلى بلاد الإسلام {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا} [النساء: 75]، ويرتبط بهذا ارتباطًا وثيقًا حماية المسلمين من القهر والبغي الذي يؤدي إلى الفتنة في الدين، التي هي أشد من القتل وأكبر منه، ولذلك يقول الله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} [البقرة: 193]، ويقول: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: 39]، ولذلك شرع الله القتال حتى ولو كان في الأشهر الحرم التي يحرم فيها القتال؛ لأن قتل المسلمين وفتنتهم عن الدين، وإخراجهم من ديارهم أشد إثمًا، وأعظم جرمًا من القتال في الأشهر الحرم {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: 217].

ج - مجاهدة الكافرين وقتالهم إذا بدؤوا المسلمين بالقتال {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: 190].

ويرتبط بهذا السبب ارتباطًا وثيقًا نقض المشركين وغيرِهم لعهودهم التي قطعوها على أنفسهم للمؤمنين {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ} [التوبة: 12][1] فإذا وفوا بالعهود واستقاموا في تعاملهم مع المسلمين فإن المسلمين مكلفون بمعاملتهم بالمِثْل: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 7، وانظر الآية: 4 أيضًا].

(د) بذل الجهد لإبلاغ كلمة الله إلى النَّاس، وتحقيق عالميَّة الرِّسالة، التي هي من خصائص الإسلام كما سبق القول: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33][2].

وبسبب هذه المهام الجليلة التي يقوم بها الجهاد في الدفاع عن الإسلام، والعمل على نشره كان للجهاد مكانة عظمى؛ فهو ((ذروة سنام الإسلام))، كما وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم[3]، وكان القائمون به من المجاهدين والشهداء في الدرجات العلا عند الله تعالى، كما تدل على ذلك الآيات والأحاديث الكثيرة[4].

ولقد كان الرسول يبايع النَّاس على الإسلام والجهاد، كما كانت الأنصار تقول يوم الخندق:
نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدَا عَلَى الْجِهَادِ مَا حَيِينَا أَبَدَا[5]



كما كان الصحابة يتعلمون سورة (الأنفال) التي كانوا يسمُّونها سورة (الجهاد)، وكانوا يستحضرونها في المواقف العصيبة؛ لتقوى عزائمهم وتَمتَلئ قلوبهم بالثقة والسكينة والرجاء في نصر الله تعالى، فعندما كان المسلمون يتهيؤون لخوض معركة القادسية ضد الفرس صلى سعد بن أبي وقاص الظُّهرَ بالنَّاس ثم دعا الغلام الذي أرسله عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - إليه، وكان من قرَّاء القُرآن وحفَّاظه، وأمره بأن يقرأ سورة الجهاد وكان المسلمون يتعلَّمونها كلُّهم، فقرأ على الكتيبة الذين يلونه سورة (الجهاد)، فقرئت في كل كتيبة، فهشَّت قلوب النَّاس وعيونهم، وعرفوا السكينة مع قراءتها[6].

وقد كانت تلك الروح البطولية الفدائية التي تحلَّى بها المسلمون سببًا في ذلك الانتشار السريع الكاسح للإسلام في شرق الأرض وغربها، وقد تم ذلك على نحو مذهل تحطَّمت فيه عروش أقوى الدول في ذلك الوقت، بحيث ارتفعت راية التوحيد على كثير من بقاع الأرض المعمورة في أقلَّ من قرن من الزمان[7]، ويهمُّنا أن نوضِّح أنَّ تلك الروح البطولية كانتْ أثرًا من آثار العقيدة ونتيجة لها، وأن هذا الجهاد لم يُقْصَدْ من ورائه سلب، ولا نهب، ولا تَسلُّط، ولا علو في الأرض، ولا فساد، وأنَّ الجهادَ الإسلاميَّ يتميَّز بأنه كان يرمي إلى توصيل الدَّعوة التحريريَّة العظمى التي تحملها مبادئُه في توحيد الله إلى سائر الخلق، وتحرير البشر من الطغيان، وإضفاء طابَع الكرامة على الإنْسان، وإسقاط الحواجز التي تحول بينه وبين الدين الصحيح الذي جاء خاتمًا للأديان، ووارثًا للوحْيِ، ومُهَيْمنًا عليه، ولذلك كان المجاهدون حملةَ هدايةٍ ورحمة تتعلق برسالة نبيِّهم صلى الله عليه وسلم، وعبَّر عمر بن عبدالعزيز - رضي الله عنه - عن ذلك بقوله: "إنَّ الله بعث رسوله محمدًا - صلَّى الله عليه وسلم - هاديًا، ولم يبعثه جابيًا".

{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: 157].

ولقد نجد من بين مؤرخي الحضارات من يعترف بأثر العقيدة في جهاد المسلمين، ومن هؤلاء جوستاف لوبون، الذي يقول: "إن للاعتقاد قوةً لا يقابلها إلا قوَّة اعتقاد مثلها"، و"كانت شدَّة إيمان العرب تزِيدُ قوَّتَهم العدديةَ عشرة أمثالها.."[8].

فالعقيدة المستكنَّة في القلوب كانتْ هي المحرِّك الأعظم للجهاد والفداء والاستشهاد، ويتَّضِح هذا الأثر للعقيدة في جوانب متعددة، من أبرزها جانبان:
(أ) أنَّ الإيمان بالآخرة، وما أعدَّه الله للشهداء في الآخرة من عظيم الثواب والكرامة - قد نَزَعَ من قلوبهم خوف الموت، وحبَّبَ إليْهِمُ الشهادة، وجعلهم يتدافعون، ويتسابقون إليها، حتى لقد كان الذي لا يفوز بالشَّهادة يغْبِطُ مَن فاز بها، فعندما ما استشهد زيد بن الخطَّاب الذي كان يَحمل راية المسلمين في موقعة اليمامة في قتال مسيلمة الكذاب قال عمر بن الخطاب: "رحم الله زيدًا، سبقنِي أخي إلى الحُسْنَيَيْنِ، أسلم قبلي، واستُشْهِد قبلي"[9]، وكان من لم يدرك الشهادة منهم يتحسَّر على حرمانه منها، وكان من هؤلاء خالد بن الوليد الذي قال عندما حضرته الوفاة: "لقد شهِدْتُ مائةَ زحف أو زهاءها، وما في بدني موضع إلا وفيه ضربة، أو طعنة، أو رميَة، وها أنا أموت على فراشي كما يَموت البعير، فلا نامت أعينُ الجبناء!!"[10].

ولقد كانوا ينظرون إلى الشهادة على أنها مِنْحَة إلهية لا ينالها كل أحد، فهي ترجع إلى نوع من الاصطفاء الإلهي الذي يَختار الله تعالى له من يشاء، كرمًا منه وفضلاً {وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ} [آل عمران: 140][11].

ولكن الصحابة كانوا يبذلون ما في وسعهم من الأسباب ليفوزوا بهذا الاصطفاء، وكان بعضهم يُعْرِض عن المغانم - عند النصر - طلبًا للشهادة، وعندما غنم الرسول المغانم من خيبر قسم لأحد الصحابة قسمًا، فقال الرجل لِمَنْ حَمَل إليه نصيبَهُ: ما هذا؟! قالوا: قسم قسمه لك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما على هذا اتبعتُك، ولكنِّي اتبعتك على أن أرمى هنا - وأشار إلى حلقه - بسهم فأموت فأدخل الجنة، فقال: ((إن تصدق الله يصدقك))؛ فدخل المعركة وقتل، فقال الرسول: ((صدق الله فصدقه))[12]، ولم تكن المسارعة إلى الجهاد والاستشهاد وقفًا على الكبار من الرجال، بل إن الشباب كانوا يسارعون إلى ميادين الجهاد؛ لينالوا شرف البطولة، وكرامة التضحية، والبذل في سبيل الله، والفداء لرسوله صلى الله عليه وسلم[13]، وإن أحدهم ليرغب في الجهاد ويحرص عليه مع أنه لا يطيق حمل السلاح، وإنَّ أحدهم ليردُّ عن الجهاد بسبب صِغَرِه، فيبكي، فيؤذن له، وأن أحدهم ليتوارى عن الرسول حتى لا يرده؛ لصغر سنه، مع أنه يبتغي الشهادة، فيرزقه الله إيَّاها وهو ابن ستَّ عشرَةَ سنة[14].

كذلك طالبت النساء بنصيبهن منه، فبيَّن لهن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن طاعة الزوج والقيام بحقه تعدل ذلك، ولكنهن لم يقنعن بذلك، بل كن يشتركن في بعض الغزوات، ويقمن ببعض الواجبات التي يستطعنها كعلاج المرضى، وصنع الطعام، وحمل الماء إلى المقاتلين، ومناولتهم السلاح، بل شارك بعضهن في القتال الفعلِي في أشد المواقف حرجًا مثلما قاتلت نسيبة بنت كعب دفاعًا عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في غزوة أحد بعدما انهزم المسلمون، وفي ذلك تقول: "فلما انهزم المسلمون، انحزت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقمت أباشر القتال، وأذبّ عنه بالسيف، وأرمي عنه القوس حتى خلصت الجراح إليَّ"[15]، بل إنَّ إحداهنَّ - وهي أسماء بنت يزيد - قتلتْ تسعة يوم اليرموك[16].

وهكذا كان للعقيدة هذا الأثر الحاسم في غَرسِ تِلكَ الرُّوح البطوليَّة الفذَّة التي وصفها خالد بن الوليد - رضي الله عنه - في دعوته أهلَ فارس إلى الإسلام بأنَّهم قوم "يحبون القتل في سبيل الله كما تحب فارس الخمر، وأنهم قوم يحبُّون الموت كما يُحِبُّ أعداؤهم الحياة"[17]، وقد وصفهم بذلك أعداؤهم حين وصفوا الصحابة بأنَّ كلَّ واحدٍ منهم يُحبُّ أن يَموتَ قبل صاحبِه، أمَّا أعداؤُهم فإنَّ كلَّ واحدٍ منهُم يودُّ أن يَموت صاحبُه قبلَه[18].

(ب) أنَّ تمكن الإيمان من قلوب الصحابة كان يجعلهم ذوي يقين لا يتزعزع بأن ما وعدهم به الله تعالى ورسوله من النَّصر، وفتح البلاد، وانتشار الإسلام واقع لا محالة؛ لأن وعد الله لا يتخلف؛ ولأن رسوله لا ينطق عن الهوى، ولقد كان وعد الرسول لهم - بذلك - يأتي أحيانًا في ظروف محنة وشدَّة كما حدث في غزوة الخندق التي بشرهم الرسول فيها بفتح البلاد في المشرق والمغرب[19]، واستهْزَأَ المنافقون بِهذه البشارات النبوية، ولكن الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا ذوي يقين، وتسليم بضرورة تحقيق وعد الله تعالى لهم: {وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22].

وقد رأى الصحابة بأنفسهم تحقق بعض هذه البشارات، فكان ذلك زيادة ليقينهم، وتثبيتًا لإيمانهم بصدق ما وعدوا به، ومن هؤلاء عدي بن حاتم الذي تحدَّث عن دعوة الرسول له إلى الإسلام ونصحه له بألاَّ يصده عن الإيمان ما يراه من ضعف المسلمين، وكان مما قاله له: ((أما إنِّي أعلم ما الذي يَمنعُك من الإسلام، تقول: إنَّما اتَّبعه ضَعَفَةُ النَّاس ومن لا قوة له، وقد رمَتهم العرب))، ثم يقول له الرسول صلى الله عليه وسلم: ((أتعرف الحيرة؟)) قلت: لم أرها وقد سمعت بها[20]، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((فوالذي نفسي بيده، ليُتِمَّنَّ الله هذا الأمر حتى تَخرج الظعينة (المرأة) من الحيرة حتَّى تطوفَ بالبيت في غير جوارِ أحدٍ، ولتفتحنَّ كنوز ابن هرمز))، قلت: كسرى بن هرمز؟! قال: ((نعم! كسرى بن هرمز، وليبذلن المال حتى لا يقبله أحد))، قال عدي بن حاتم: فهذه الظعينة تخرج من الحيرة فتطوف بالبيت في غير جوار أحد، ولقد كنت فيمَنْ فتح كنز كسرى بن هرمز، والذي نفسي بيده، لتكونن الثالثة؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قالها[21].

وقد كان بعض الصحابة - ثقةً منهم بتحقُّق وعد الله - يطلب إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن يقسم له نصيبًا من بلاد لم يتِمَّ فتحُها بعد، ومن هؤلاء تميم الداري الذي قال للرسول: إنَّ الله مُظْهِرُك على الأرض كلِّها فهب لي قريتي من بيت لحم في فلسطين، - ولم تكن قد فتحت بعد - فوهبه الرسول - صلى الله عليه وسلم - إيَّاها، وكتب له بذلك، فلمَّا فُتِحَتْ جاء بالكتاب إلى عُمَر فأقطعه إيَّاها[22] {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: 49]، وكان هذا اليقينُ يَملأُ قلوبَهم شجاعة، وجُرْأةً وإقدامًا، ويُمدُّهم بقوَّة معنويَّة غلاَّبة كانتْ تُمَكِّنُهم من مواجهة الدول العظمى التي كانتْ تُحِيطُ بِهِم دون خوفٍ ولا تَرَدُّد، ولم تكن هذه الجرأة على مَنْ حولَهم إلا أثرًا من آثار العقيدة التي آمنوا بها، فلم يكن للعرب بين هذه الدول شأن ولا مكانة، ولم يكونوا موضعَ رغبةٍ ولا رهبة؛ بسبب ما كانوا عليه من الضعف والتفرق والعصبية القبلية الجاهلية، وبسبب ما كانت عليه بلادهم من فقر في الموارد وقلة في الخيرات، وعندما دخل العرب في الإسلام وأسلموا لله نفوسهم، وطلبوا الجنة وحرصوا على الشهادة، لم يكونوا قد ازدادوا عددًا، ولا عدَّة ولا إمكانات مادّيَّة، ولكنَّهم كانوا قد تزودوا بمدد لا يقهر، وزاد لا ينفذ من التضحية والفداء، والثقة بالله، والتوكل عليه، والرجاء في نصره وتحقيق وعده؛ ولذلك انقلبت الموازين، وأصبح الضعفاء الفقراء يَمشون على بساط الملوك في قُوَّة وجُرأة، ويُنْذِرونَهم بالهزيمة وانتِهاء الملك على نَحو يثير الدهشة والاستغراب، بل يثير - عند غير المؤمنين - العجب والاستنكار، وعندما بعث سعد بن أبي وقاص إلى رستم قائد الفرس عددًا من سادات الصحابة ليدعُوهُ قَبْل القتال إلى الدخول في الإسلام - وقد كان هذا مبدأً عَلَّمَهم إياه الرسول صلى الله عليه وسلم، كما فعل مع عليِّ بن أبي طالب في يوم خيبر[23] - قال لهم رستم: ما أقدمكم؟! فقالوا: جئنا لموعود الله إيَّانا: أخذ بلادكم، وسبي نسائكم وأبنائكم، وأخذ أموالكم، فنحن على يقين من ذلك[24].

وفي مرة أخرى دخل عليه رِبعي بن عامر بثياب متواضعة، وسيف وترس، وفرس قصيرة ظل يمشي بها إلى أن داس على طرف بساطه، ثم نزل وربطها ببعض الوسائد، ثم أقبل عليه يحمل سلاحه، فقالوا له: ضع سلاحك، فقال: إني لم آتكم، وإنما جئتكم حين دعوتموني، فإن تركتُموني هكذا وإلا رجَعْتُ، فقال رستم: ائذنوا له.. فقالوا له: ما جاء بكم؟ فقال قولاً يدلُّ على وعيِه العميق بتلك الغاية التحريرية العظمى التي هي هدف من أهداف الجهاد في الإسلام، قال ربعي: الله ابتَعَثَنا، والله جاء بنا لنُخْرِج مَن شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضِيقِ الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.. فَمَنْ قبِلَ مِنَّا ذلك قبِلْنا ذلك منه، ورَجَعْنا عنه.. ومَنْ أَبَى قاتَلْناه أبدًا، حتَّى نُفْضِيَ إلى موعود الله، قالوا: وما موعود الله؟! قال: الجنَّة لِمَنْ مات على قتالِ مَنْ أَبَى، والظفر لِمَنْ بقي[25].

وطلبَ رُسْتُم مهلةً طويلة للمشاورة، ثم ذهب إليه المغيرة بن شعبة ليعرف ما انتهى إليه أمره، فحاول أن يُغْرِيَه ببعض متاع الدنيا، لقاءَ انْصِرافِهم عن الحرب، فقال له المغيرة: أبَعْدَ أن أوْهنَّا مُلْكَكم، وضعَّفنا عزَّكم.. وستصيرون لنا عبيدًا على رغمِكم[26]؟! ولم يكن هناك مفر مِنَ اللِّقاء، ولم يَكُنْ لدى أهل الإيمان شكٌّ في عاقبته، وإن كثُرَت فيه التضحيات، وكانت العاقبة هي النصر المبين للمؤمنين: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69].

وهكذا كان الجهاد من أقوى عوامِلِ القُوَّة للأمَّة الإسلامية، وكان سلاحًا من أمضى أسلحَتِها، وظلَّ يَحمِلُها - بفضل الله وعونه - من نَصْرٍ إلى نصر، ومن فتحٍ إلى فتح، إلى أن دانَتْ لهم البلاد شر


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://waislama.yoo7.com
 
الجهاد بين ماضى وحاضر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
واسلامـــــــــــاه :: احاديث نبويه :: احاديث الجهاد-
انتقل الى: